السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
نسيم على وجهه يعزف لحن الانتعاش برذاذ البحر ... واقف يستنشق عليل الهواء يغمض عينيه ... منتشيا ببرودة رمال فيها غرقت قدم حافية ...
آه ثم آه و آه ... كم جميل هذا الجمال يا جمال ... هذه أرض الجمال وليس في جمالها جمال له مثال ...
ابتسامة ناصعة بيضاء من جمال وهو واقف شارعا يديه يمني نفسه بالطيران في هذا النسيم البحري العليل ... ولم يزد على همهمة هادئة توحي بأنه قال " نعم أكيد من مثلك يطير في هذه الفسحة من الانتعاش و الروعة والجمال "
زادت الشمس بانغماسها في أفق بحر هادئ ناصع كصحن زيت نقي صافي ... جمال لحظة جمعت روعة الصحبة سكينة هدوء الانفس و انتعاش الانفاس ...
جلس الاثنان يحادث كل منهما الاخر ...
جمال متكئ واضعا كلتا يديه خلفه ممدا قدميه ملقي بواحدة على الاخرى ... وهو مسترخي لا يكاد يشعر بوجود جسده ...
خالد ... متكيئ على مرفقه مستلق على جانبه ... ينظر الى الافق و سحر اللحظة منعكس بعينيه المستبشرة بما يراه في مستقبل إشراق تلك الشمس من جديد ... يحرك يديه في الرمل متلاعبا بها ...
اذا بيده تشعر بجسم صغير صلب كأنه حجر ... حث الرمل بيده ... فإذا به يرى قطعة حديدية صدئة مدببة ... اخذها ... بين يديه و أزال عنها الرمل ...
نظر كل منهما للآخر ... بحوار الأعين : هل هذه ما اظن أنها هي ؟
اخذها جمال بين إصبعيه وضعها أمامه بينه وبين البحر ... ركز فيها جيداً ... وقال لخالد ...
- نعم هي كذلك ولكنها لم تعد تعني لنا هذه شيئا الان ... نسينا أمرها و نسينا حتى الحاجة إليها ... ولم نعد نريد حتى تذكر ما فعلت بنا في أجيالنا ...
رد خالد قائلا ...
- تخلص منها ... ومن ذكراها ... ومن كل ما أتت به ... فما حدث منذ أن صمتت هو ما ننعم به اليوم ...
وقف جمال ... و تبعه خالد وهو ينفض الرمال عن بنطاله ...
مسح جمال الرصاصة الصدئة بيديه ... إستجمع قواه ملقياً بها لأبعد ما أمكنه أن يوصلها إليه في عمق البحر ... متخلصا من ذكريات لم يرغب أحد في استرجاعها بعد عُلِم الدرس و عمت المحبة قلوب الجميع و هدأ الجماد و سكنت الاصوات و نبضت القلوب ... وتمازجت مشاعر الاخوة و المحبة برقي إنساني ايماني خالص ...
و ضع كل منهم يده على كتف الآخر و اخذهم السير على شاطئ هادئ والشمس لم يبقى من قرصها إلا حمرة في أفق يشير الى بزوغ شمس غدٍ مليء بالمحبة و الحياة ...
شكراً