السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الذي يمكن لإنسان أن يتركه خلفه في هذا العالم المؤقت الذي نحن فيه عبور؟
عمل صالح ، ولد صالح ، صدقة جارية ، سيرة طيبة بالخير غنية يذكره بها من لم يلحق به بعد...
إستفاقة من عالم الخيال لعالم الحقيقة ، يحزن لها من لا يزال في عالم الخيال يعيش... ظنا منه أن فقده لمن كان معه في هذا الخيال هو النهاية... فراق طويل ، يظنه كذلك ، وإن كانت أيامنا في الدنيا لا تزيد عن عشية أو ضحاها... وأن اللقاء الحقيقي هو في دار الخلد برحمة من الله ورضا... ومجاورة النبي وأصحابه ، نسأل الله القبول...
لعل شهادة أهل الدنيا لمن أفاق من حلمها لعالم الحقيقة وهم به لاحقون، وقد فارقهم على الإيمان والتقوى وحسن الظن بالله، شهادة يقبلها الله ، وما ظنكم بالله... إذا ما أحسن العبد ظنه به؟
ألا يشعرك بالبهجة أن تعلم أن من فارق الدنيا لدار الحق وإن حزنت على فراقه المؤقت، فارقها على التقوى والصلاح والإيمان، وأنه لم يترك خلفه خصم ولا دين ولا حتى من يذمه في شيء... ألا يفرحك أن تعلم بحسن الظن في الله أن إستفاقته من حلم الدنيا لعالم الحقيقة، كانت بترحاب وإستقبال من ملائكة الرحمة ، كما وعد الله عباده المتقين... أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون...
لا نزكي على الله أحدا ولكن لم يكن عمي " مصطفى بومدين " رحمه الله إلا مثالا لذلك في حياته الدنيا وتعاملاته وهو ما يشهد له به الجميع ممن عرفوه أو سمعوا عنه في مسيرة حياته بكل مراحلها... طيبة قلب بنزاهة وأمانة وحب للخير والعون عليه والإبتعاد عن الخصومات والتعصب ، أو التشدد لشيء ، دائما في صف الصلح والتسامح، دائما في صف عمل الخير وأداء الواجب ، بعيد عن إغراءات الدنيا وإن كانت بين يديه تلاحقه في منصبه وغيره ، بالتأكيد تعرف ذاك الأخ الذي يتنازل عن ما له فقط لكي لا يبكي أخاه... عن طيب خاطر كان تعامله مع الجميع ، لا يتأخر في خدمة محتاج بما إستطاع... ولعل المسجد في شارع الصويرة منطقة الفويهات يعرفه جيدا بخطواته المستمرة إليه ... والأهم... أنه خرج من هذا الحلم بهدوء وسكينة وهو الآن في دار الحق والحقيقة ، في الحياة الحقيقية ، التي نسأل الله أن نلحقه فيها على لا إله إلا الله، وأن يكون حلمنا هذا لنا لا علينا... كما كان له رحمه الله ومن سبقه ومن سيلحقه رحمة واسعة...
ولعل من عاش في مدينة بنغازي قد سمع به يوما عندما كان يرأس شركة الكهرباء ويدير فرعها في بنغازي ، ويعرف أي الناس هو في أمانته وصدقه وتعامله وحسن معشره... وهذا ما يشهد له به من عرفه وعاشره ومر في حياته... وتلك نعمة من الله أن يثني عليك مؤمن أنك كنت خير الناس طيب المعشر طيب الذكر سمح التعامل قليل الخصومة...
إن كنا نريد أن ننفع من أفاق من حلم الدنيا لعالم الحقيقة وهو بالنسبة لنا قد مات في تعريفنا لذلك ، فإن أفضل ما يمكننا فعله ، هو أن نذكره بخير وأن نساهم في إستمرار الأعمال التي سترفع درجاته عند الله، والأعمال التي يمكن أن يأخذها أحدنا معه، ونحن نعلم جميعا أننا لاحقون... برجاء أن يجمعنا الله وكل من آمن برحمته في جنته على سرر متقابلين ، للنظر إلى الدنيا ونقول... نحمد الله أن منّ علينا بأن هدانا للإيمان وأن نجانا من النار وجعلنا أخوة في الدين لا يفرقنا التراب...
رحم الله من رحل منا ومن ينتظر... وكلنا ينتظر... نسأل الله أن يغفر لنا ولهم وأن يلحقنا بهم على لا إله إلا الله... محمد رسول الله... وأن نكون من المتقين الذين يقال لهم...
(( يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ (73) )) الزخرف
ونقول:
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) ) الأعراف
شكراً...